صاحب المحتوى: حمزة اعبيدة

تُعد فرقة ناس الغيوان من أبرز الظواهر الفنية التي عرفها المغرب في القرن العشرين، فقد ولدت من رحم المعاناة الشعبية بمدينة الدار البيضاء خلال السبعينيات، وسرعان ما أصبحت صوتاً للناس، تعبّر عن آمالهم، آلامهم، وهمومهم اليومية بلغة شعرية تراثية وموسيقى أصيلة تمزج بين الكناوة، العيطة، الملحون، والسماع الصوفي.

تميزت أغاني ناس الغيوان برسائلها العميقة، حيث ناقشت مواضيع اجتماعية وسياسية بروح نقدية وحس إنساني عالٍ. أعمال مثل “مهمومة”، “الصينية”، و”غير خذوني” أصبحت رمزاً للوعي الجماعي، وأدّت إلى خلق رابط وجداني قوي بين الفرقة وجمهورها.

ما جعل ناس الغيوان حالة فنية فريدة هو قدرتهم على التوفيق بين التراث المغربي والحداثة التعبيرية، فكانوا ثوريين في شكلهم ومضمونهم، رافعين لواء الفن الملتزم في زمن كانت فيه الحرية محدودة.

إلهامهم لم يقتصر على المغرب فقط، بل تجاوز الحدود ليصل إلى العالم، حيث عبّر فنانون عالميون مثل مارتن سكورسيزي عن إعجابهم بهم، واعتبرهم البعض “رولينغ ستونز أفريقيا”.

ناس الغيوان لم تكن مجرد فرقة موسيقية، بل حركة ثقافية واجتماعية زرعت الوعي وأيقظت الحلم لدى جيل كامل، ولا تزال إلى اليوم مرجعاً لكل فنان يسعى للصدق والتجذر.