يشهد المغرب خلال صيف 2025 تراجعًا ملحوظًا في النشاط السياحي، مقارنة بالسنوات القليلة الماضية التي عرفت انتعاشًا تدريجيًا بعد جائحة كورونا. فبينما كانت التوقعات تشير إلى موسم سياحي قوي، خابت آمال المهنيين في القطاع نتيجة تداخل مجموعة من العوامل الاقتصادية والمناخية التي ساهمت في تقليص أعداد السياح الوافدين على المملكة.

رغم الجهود التي بذلتها وزارة السياحة والمكتب الوطني المغربي للسياحة، من خلال إطلاق حملات ترويجية داخلية وخارجية، إلا أن الإقبال على الوجهات السياحية المغربية هذا الصيف لم يصل إلى المستوى المنتظر. فقد سجلت نسبة الإشغال في العديد من الفنادق ودور الضيافة انخفاضًا يتراوح ما بين 20% و30% مقارنة بصيف 2024، وذلك حسب تصريحات فاعلين في المجال السياحي بكل من مراكش، أكادير، فاس، وطنجة.

ويعزى هذا التراجع بالدرجة الأولى إلى الارتفاع الكبير في كلفة المعيشة، سواء بالنسبة للسائح الأجنبي أو المواطن المغربي. فقد أصبحت أسعار الإيواء والنقل والمطاعم تشكل عبئًا واضحًا، مما جعل العديد من السياح يفضلون وجهات أرخص تقدم نفس مستوى الخدمات، مثل اسبانيا ، تونس وتركيا. أما بالنسبة للمواطن المغربي، فإن السياحة الداخلية لم تعد في متناول فئات واسعة من المجتمع، خاصة مع ارتفاع أسعار المحروقات وتذاكر النقل بين المدن، ما دفع الكثيرين إلى التخلي عن فكرة السفر أو الاكتفاء برحلات قصيرة محدودة.

من جهة أخرى، ساهمت التقلبات المناخية، وعلى رأسها موجات الحرارة الشديدة التي عرفتها بعض المدن الداخلية والجنوبية، في تقليص جاذبية هذه الوجهات. فقد تجاوزت درجات الحرارة في بعض المناطق 42 درجة مئوية، ما جعل الإقامة بها غير مريحة، خاصة بالنسبة للسياح غير المعتادين على هذا النوع من المناخ. كما أدت هذه الظروف إلى تسجيل إلغاءات في حجوزات فنادق وبرامج رحلات سياحية كانت موجهة نحو مناطق مثل ورزازات، زاكورة ومرزوكة.

أمام هذا الوضع، وجد العديد من المهنيين في قطاع السياحة أنفسهم في موقف صعب، خصوصًا العاملين في المنشآت الصغيرة، والمرشدين السياحيين، وأصحاب المطاعم والمتاجر التقليدية. بعضهم عبّر عن قلقه من إمكانية استمرار هذا الركود إلى ما بعد الصيف، مما قد يعمق من الأزمة الاقتصادية التي يعيشها القطاع.

ويرى مختصون في السياحة أن هذا التراجع يجب أن يشكل لحظة تقييم وإعادة نظر في السياسات المعتمدة، من خلال مراجعة الأسعار، وتحسين جودة الخدمات، وتوسيع الحملات الترويجية لتشمل أسواقًا جديدة خارج أوروبا، إضافة إلى دعم حقيقي للسياحة الداخلية يجعلها في متناول الأسر المتوسطة والمحدودة الدخل.

وبينما لا تزال المدن الكبرى مثل مراكش وأكادير تستقطب جزءًا من الزوار، فإن السياحة المغربية تبدو بحاجة ماسة إلى استراتيجية أكثر مرونة، تراعي المتغيرات الاقتصادية العالمية، والتحديات المناخية المتزايدة، وطبيعة السياح الجدد الذين يبحثون عن تجارب فريدة بأسعار معقولة وجودة مضمونة.