بقلم: حمزة اعبيدة

غزة اليوم ليست كما كانت، بل أصبحت خريطة للجوع، ومرآة للعجز الإنساني

في الوقت الذي تزداد فيه حرارة الصيف في قطاع غزة، تتلاشى حرارة الأمل في صدور أكثر من مليوني إنسان يكابدون جوعًا ممنهجًا لم يعد مجرد أزمة إنسانية، بل جريمة بحق الحياة.
تقارير الأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة الدولية دقت ناقوس الخطر مرارًا، مؤكدة أن أكثر من 500 ألف فلسطيني يعيشون في ما يسمى بـ”ظروف شبيهة بالمجاعة”، بينما تواجه نسبة كبيرة من الأطفال دون سن الخامسة خطر سوء التغذية الحاد.

حصار خانق وموت بطيء

منذ أكتوبر 2023، ومع اشتداد العدوان الإسرائيلي على القطاع، فُرضت قيود قاسية على دخول الغذاء، الدواء، والوقود. واليوم، وبعد ما يقارب العامين، أصبحت أسعار المواد الأساسية خيالية؛ إذ بلغ سعر كيس الدقيق 25 كلغ أكثر من 500 دولار، في وقت لا يتجاوز فيه دخل الغالبية دولارًا أو اثنين في اليوم.

تقول الأمم المتحدة إن 96٪ من سكان غزة يعانون من انعدام الأمن الغذائي، فيما تشير منظمة الصحة العالمية إلى وفيات فعلية بسبب الجوع، تجاوزت 180 حالة موثقة حتى نهاية يوليو، بينها عشرات الأطفال.

أطفال غزة.. يذبلون قبل أن يكبروا

الأطفال في غزة لا يحلمون بالدراسة أو اللعب، بل بوجبة واحدة تسد رمقهم. تقارير منظمة اليونيسف تفيد بأن نحو 320 ألف طفل دون سن الخامسة مهددون بسوء تغذية خطير. ومع انهيار النظام الصحي، تُترك الحالات الحرجة دون علاج، حيث يُضطر الأطباء لاختيار من يستحق الأكسجين ومن يُترك لرحمة الله.

المساعدات: شحيحة وتُطلق عليها النيران

رغم مطالبات المنظمات الدولية بفتح ممرات إنسانية، لم تسمح السلطات الإسرائيلية سوى بمرور عدد محدود من الشاحنات لا يغطي سوى 12% من الحاجات الأساسية. بل وبلغ الأمر أن قُتل عشرات المدنيين أثناء محاولتهم الوصول إلى نقاط توزيع الغذاء.
تؤكد منظمة الصحة العالمية أن «الجوع في غزة ليس نتيجة الكارثة، بل نتيجة القرار».

حين يُصبح الجوع سلاح حرب

الجوع في غزة لم يعد مجرد انعكاس للحرب، بل أداة حرب في حد ذاتها. التلاعب بالمساعدات، استهداف نقاط التوزيع، وتقييد وصول الوقود والماء جعل من الحياة اليومية للفلسطينيين كفاحًا يوميًا من أجل البقاء.
المجتمع الدولي يراقب، يدين، ويطالب… لكن الأطفال لا يأكلون من البيانات الصحفية.